الدراسات في هذا المجال كثيرة، لكن أبرزها كتابان،
الأول عنوانه «الاستثنائيون وكيف ينجحون» تأليف مالكوم جلادويل،
والثاني عنوانه «الاستثنائيون والمغالاة في تقدير المواهب» تأليف جيف كولفين
الاستثنائيات كما لخص الكاتبان جلادويل وكولفين هن
«اللاتي يتعاطين مع الأمور بطريقة خارجة عن المألوف، سواء كن عباقرة أو أباطرة مال وأعمال، أو نجمات فن أو موظفات أو مبرمجات أو مخترعات أو مهنيات»؛ ليكون السؤال الذي يجب أن يطرح من وجهة نظر الكاتبين هو:
هل المهارات والمواهب أم أي شيء آخر هو الذي يجعل هؤلاء السيدات «استثنائيات»؟
وأكد الكاتبان أن مكان وتاريخ الميلاد يعتبران عاملين فارقين في منظومة النجاح، كذلك ثقافتهن التي ينتمين إليها، وموروثاتهن؛ لذلك فإن معرفتنا المجردة بطبيعة وشخصيات الناجحات لا تكفي، بل يجب معرفة ظروف النشأة، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن يرجع النجاح إلى الموهبة أو الذكاء فقط، بل إلى عدة معطيات؛ كالبيئة المحيطة، والتنشئة الاجتماعية، ودور الموجهين، وعدد ساعات التدريب، وغيرها من المكونات
الموهبة الفطرية
يذكر مالكوم جلادويل في كتابه أن جدلاً قويًا دار على مدى جيل كامل من علماء النفس حول سؤال يعتبره أكثر الناس محسومًا؛ وهو «هل هناك ما يعرف باسم الموهبة الفطرية؟» الإجابة الصحيحة كما أكدها في كتابه «نعم»؛ فالإنجاز ينتج عن الموهبة والإعداد، حيث ثبت للعلماء أنهم كلما درسوا حالات أكثر تأكدوا أن دور الموهبة في تحقيق النجاح أقل مما كان متوقعًا، وهذا يعني أن دور التنشئة والإعداد والتدريب أهم بكثير مما كنا نظن أيضًا
وأوضح جيف كولفين في كتابه أن بعض الأمور تشير إلى مغالاتنا في تقدير دور المواهب في النجاح، ولخص هذه الأمور في خمس نقاط هي: الفرصة، الذكاء، دور الإعداد الدؤوب في اكتسابنا الخبرات، دور المعلم، البيئة الداعمة
1 – الفرصة
يقول كولفين: «إذا جمعنا كل قصص النجاح في سلة واحدة فسوف ندرك كيف تخطو الاستثنائيات عادة على دربه، فقد استفاد أغلبهن من فرص مستندة إلى الحظ، خصوصًا بالنسبة لسيدات الأعمال؛ فالحظ قاعدة، وليس استثناءً»
2 – الذكاء
يؤكد كولفين أن العلاقة بين النجاح ومستوى الذكاء ليست طردية لكي تزيد احتمالات النجاح مع ارتفاع معامل الذكاء، فقد يكون معامل ذكاء المرأة العادي 100، لكن عندما يصل إلى 120 فإن حصوله على نقاط إضافية لا يترجم إلى نجاح في الحياة العملية
3 – اكتساب الخبرات
يشير كولفين في كتابه إلى دراسة أجريت على لاعبي الشطرنج، حيث اقترح هيربرت سايمون الفائز بجائزة نوبل، ووليام تشيس ما أطلقا عليه قاعدة الـ«عشر سنوات استثناء» إلى أن ملاحظتهما أن أحدًا لا يبلغ القمة وينضم إلى صفوة لاعبي الشطرنج قبل أن يمضي عقدًا من الدراسة المكثفة، ثم دعمت الأبحاث اللاحقة في مجالات متنوعة قاعدة الـ«عشر سنوات» بعدما درس الباحثون الرياضيات والعلوم والموسيقى والسباحة والتشخيص بالأشعة والتنس والأدب، وما من ناجحة من ذوات الإنجاز بلغت القمة دون الـ«عشر سنوات» من الإعداد الدؤوب
4 – دور المعلم
اكتشاف السبب الكامن وراء إجادة أي أداء بشكل استنثائي أمر في غاية الصعوبة من دون مساعدة معلم أو مدرب، على الأقل في المراحل المبكرة
5 – البيئة الداعمة
ما من سيدة تصبح استثنائية بعشوائية مطلقة، فإذا كان تقدم المجتمع وثقافته يمثلان أحد طرفي البيئات الداعمة فإن البيت هو الطرف الآخر، وهو الأهم أيضًا، فأعظم قيمة يقدمها البيت المعزز هي أنه يمكن من الشروع في التطوير في مراحل مبكرة؛ فالتدريب المتميز يوسع ويعمق من قدرات المتدربات، فالبارعات منهن يمكن أن يرين ويسمعن ويستشعرن ملمس الأشياء بشكل أفضل
تحدي الزمن
قد تتباطأ حركتنا ويصعب عليها التوفيق بين حركة ذراعينا وأرجلنا، نحن نفترض أنه مؤشر على نهاية الأداء المتميز، لكن هذا ليس صحيحًا دائمًا؛ فحين أذيع نبأ تقاعد عازف الكلارينت المخضرم ستانبي دركر من عزف أوركسترا الفيلهارموني، قبل معجبوه الأمر الواقع عندما علموا أنه بدأ العمل قبل 61 عامًا، منذ أن كان في التاسعة عشرة من عمره، فكان من المنطقي أن يتقاعد وهو في الثمانين، لكن المفاجأة الأكثر غرابة هي أنه كان صاحب أقصر فترة خدمة في مجاله على الإطلاق
المصدر: حلوة