السلسلة: شرح الأبحاث النفسية – خريطة الصحة النفسية
كل شيء يعتمد على المنظور: اتباع نهج جديد لفهم صحتك النفسية
فهم “غير المرئي”: ما الذي يُعرّف الاضطراب النفسي؟
قد يكون من المرهق جدًا التعامل مع صحتك النفسية. أحيانًا قد تشعر وكأن ضبابًا كئيبًا قد استقر في عقلك، مما يحجب أفكارك ومشاعرك التي خارج نطاق سيطرتك. قد لا تعرف حتى من أين جاء هذا أو ما الذي تواجهه بالضبط. على عكس تحديد كسر في الذراع، يمكن أن يكون من الصعب فهم مشكلة نفسية. يبقىالسؤال هنا: ما هو بالضبط الاضطراب النفسي؟
تجاوز مبدأ الحلول الموحدة للجميع: إعادة النظر في تشخيص الصحة النفسية
تاريخيًا، اعتمد مجال علم النفس على البحث عن الأسباب المشتركة لفهم وتشخيص وعلاج الاضطرابات النفسية. انطلاقًا من العلوم الطبية، يفترض هذا المنظور أن مجموعة من الأعراض المرئية التي يعاني منها الشخص يمكن إرجاعها إلى سبب أساسي، وهو الاضطراب. هنا تكمن الفكرة في أنه إذا تمكنا من علاج السبب على سبيل المثال- الاكتئاب– ستختفي جميع الأعراض، تمامًا كما يمكن لعلاج الورم أن يحل الأعراض الجسدية .ومع ذلك، فإن القول أسهل من الفعل عندما يتعلق الأمر بقضايا الصحة النفسية.
على عكس الحالات الجسدية، حيث تكون الأعراض عادة ثابتة، تختلف الاضطرابات النفسية بشكل كبير من شخص لآخر. قد يشعر شخص مشخص بالاكتئاب بالتعب المستمر، بينما قد يشعر شخص آخر بالقلق والانفعال. يمكن أن تحدث أعراض اضطرابات مختلفة أيضًا في نفس الوقت. على سبيل المثال، قد يعاني الشخص الذي تعرض لصدمة نفسية أيضًا من أعراض القلق، مما يجعل من الصعب التمييز بين انتهاء اضطراب وبداية اضطراب آخر. تؤثر عوامل مثل التاريخ الشخصي والخلفية الثقافية والتجارب الفردية على كيفية ظهور الأعراض وكيفية تعاملنا معها، مما يجعل من الصعب تطبيق نهج واحد يناسب الجميع للتشخيص.
كسر حاجز الصمت: التغلب على وصمة العار لتسهيل التحدث عن الصحة النفسية
يعد تحديد الأعراض وفهمها أمرًا بالغ الأهمية غالبًا للحصول على الدعم المناسب. ومع ذلك، فإن الخوف من الحكم أو سوء الفهم غالبًا ما يعقد عملية التشخيص، مما يخلق مزيدًا من الحواجز أمام الحصول على الرعاية المناسبة. يمكن أن تجعل الوصمة المحيطة بالصحة النفسية الأشخاص مترددين في التحدث عن أعراضهم بصراحة أو طلب المساعدة. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي الوصمات الاجتماعية والثقافية إلى تثبيط المحادثات المفتوحة حول الصحة النفسية. في كثير من الأحيان، يتم الخلط بين مشاكل الصحة النفسية وضعف الشخصية أو الفشل الشخصي، مما يجعل من الصعب على الناس أن يعترفوا بتجربتهم كحالة قابلة للعلاج. لذلك، فإن توعية الناس بهذا الموضوع وتشجيع الحوار المفتوح أمران بالغين الأهمية لتطبيع مشكلات الصحة النفسية والتغلب على الوصمة.
خريطة الصحة النفسية: رؤية شخصية من منظور الشبكة
في السنوات الأخيرة، اكتسب منظور الشبكة اهتمامًا كبيرًا من خلال تحويل التركيز من المتلازمات إلى الأعراض. هنا، نتخلص من فكرة الاضطراب الكامن المسبب ونركز على التفاعل بين الأعراض التي يُعتقد أنها تؤدي إلى حالة فردية من الصحة النفسية للفرد واستمرارها. يمكن اعتبار أن لكل شخص “خريطة صحية نفسية” خاصة به تظهر الأعراض التي يعاني منها وكيفية تأثير كل منها على الآخر. على سبيل المثال، في شخص يعاني من الاكتئاب، قد يؤدي قلة النوم إلى التعب، مما يزيد بدوره من مشاعر اليأس التي تفاقم مشاكل النوم.
من خلال كشف هذه الروابط، يقدم منظور الشبكة نهجًا أكثر تخصيصًا ومرونة للتشخيص والعلاج. بدلاً من تصنيف الأشخاص ضمن فئات تشخيصية واسعة، يسمح هذا النموذج بفهم أعمق للتجارب الفردية ويركز على معالجة أنماط الأعراض المحددة الأكثر صلة بكل شخص.
وجهات نظر متطورة: نحو رعاية نفسية مخصصة ومتعاطفة
كيف نعّرف الاضطرابات النفسية، ونشخصها، ونعالجها يتغير حسب تطور فهمنا لها مع مرور الوقت. وبينما نستمر في استكشاف وجهات نظر جديدة حول الصحة النفسية، فإن الأمل هو تطوير علاجات أكثر فعالية وشخصية تعالج الاحتياجات المحددة لكل فرد. يمكن أن يساعد هذا التحول في كسر الوصمة التي غالبًا ما تحيط بالصحة النفسية، وتعزيز نهج أكثر تعاطفًا وانفتاحًا واستنارة للرعاية .من خلال الاعتراف بأن اضطرابات الصحة النفسية ليست بسيطة أو مقاس واحد يناسب الجميع، نقترب من مستقبل يتم فيه فهم رحلة الصحة النفسية لكل شخص ومعالجتها بالفروق الدقيقة والرعاية التي تستحقها.
إذا كنت ترغب في معرفة المزيد عن فكرة خرائط الصحة النفسية، يمكنك الاطلاع على هذه الفيديوهات التعليمية على يوتيوب من خلال الرابط التالي:
https://youtube.com/playlist?list=PLNmVg7h5Eoqw04h56n-T7hZ19USNWuBqO&si=94pIPjVAPaeTuB9V
إذا كنت ترغب في معرفة المزيد عن فكرة خرائط الصحة النفسية وكاتبة هذا المقال، يمكنك التواصل مع
Emily Campos Sindermann
على البريد الإلكتروني:
ecampossinde@uos.de