Deutsch | العربية | English
البحث
البحث Menu

كيف تؤثر الصدمات المتكررة على حياة الإنسان

كيف تؤثِّر الصدمات المتكررة على حياة الإنسان

بقلم ماريون بوڤيي ونادين حسني

صدمات متكررة
إذا كنت تقرأ هذا النص، فقد تكون مررت أنت نفسك بتجربة صادمة أو صعبة جداً، أو ربما تدعم/تدعمين شخصاً تعرفه مرَّ بمثل هذه التجارب. نستخدم كلمة “صدمة” لوصف تجارب يشعر فيها الإنسان بأن ما يحدث مهدِّد أو مؤذي بشكل يفوق قدرته على التحمّل في تلك اللحظة. قد يكون ذلك مثلاً حادثاً خطيراً، أو اعتداء، أو عنفاً جنسياً، أو مرضاً يهدد الحياة.

المهم ليس فقط ما حدث، بل أيضاً كيف عاشه الشخص وكيف شعر به في وقتها.

أحياناً لا تكون التجربة مرة واحدة، بل يتعرض الشخص لمواقف صادمة أو مؤذية بشكل متكرر ولفترة طويلة.

يمكن أن يحدث هذا في سياق عنف أسري، أو إساءة في الطفولة، أو العيش في ظروف حرب أو اضطهاد.

التعرّض للصدمة لفترة طويلة غالباً ما يترك أثراً أعمق وأوسع على مجالات كثيرة من حياة الإنسان.

بعد مثل هذه التجارب، يلاحظ كثير من الناس تغيّرات تمتد تدريجياً إلى حياتهم اليومية. قد يشعرون بالتوتر معظم الوقت، وبالعصبية أو بضيق مستمر، أو يميلون إلى البكاء بسهولة، ويجدون صعوبة في الهدوء بعد الانفعال. أشياء بسيطة مثل صوت مرتفع، أو نظرة، أو رائحة او ذكرى يمكن أن تعيد مشاهد من الذكريات الصادمة وموجة من مشاعر قوية مثل الغضب أو الخوف أو الخجل.

قد يصبح من الصعب متابعة الحديث، أو تذكّر ما كانوا يفعلونه، أو التركيز في الدراسة أو العمل أو شؤون البيت.

العلاقات مع الآخرين قد تصبح مشوشة أو غير آمنة قد ينسحب بعض الناس ويعزلون أنفسهم عن الآخرين وأصبح الشعور بالثقة هشا. العلاقات المقربة مثل العلاقة مع شريك الحياة أو مع الأطفال قد تصبح صعبة للغاية: قد يجد الشخص نفسه يتشاجر أو يصرخ أكثر مما يريد وفي أحيان أخرى قد يشعر في الجمود أو البُعد العاطفي أو يجد صعوبة في إظهار الدفء لأنه منهك ويرى أن العلاقات تفوق قدرته على التحمل. كثيرون يبدأون برؤية أنفسهم على أنهم ضعفاء أو سيئون أو مؤذيين و “مكسورون إلى الأبد”، أو “غير كافين”، ويشعرون بذنب عميق أو أو بخزي او بعدم القيمة.

قد تؤثِّر هذه الصعوبات على الجسد أيضًا. فقد يعاني الشخص من مشكلات في النوم، وتعب مستمر، وآلام أو توتّر في أجزاء مختلفة من الجسد. ويمكن أن تزيد ضغوط الحياة اليومية، مثل القلق بشأن المال، أوالمسؤوليات، أو الضغوط الاجتماعية، من حدّة هذه الأعراض، مما يجعل التعامل مع متطلبات الحياة اليومية أكثر صعوبة، سواء تعلّق الأمر بالعمل، أو الدراسة او رعاية الأسرة، أو الحياة الاجتماعية.

من المهم أن نتذكّر أن ردود الفعل هذه ليست علامة على ضعف أو على “الجنون”، بل هي ردود فعل طبيعية لوضع غير طبيعي وخطِر، تطوّرت لحماية الشخص أثناء التجربة الصادمة. لكن عندما يبتعد الشخص عن الخطر، يمكن أن تتحوّل ردود الفعل هذه نفسها إلى عبء ثقيل.

إذا كان شخص ما يعيش مثل هذه الصعوبات، فلا بأس في طلب المساعدة. هذا أمر معروف في المجال النفسي، والعمل العلاجي يهدف إلى مساعدة ردود الفعل هذه أن تهدأ وتتغيّر، بحيث يتمكّن الشخص من أن يشعر بالأمان، ويكون حاضرًا في حياته اليومية، ويقترب من الأمور التي تهمّه ويتصرّف بما يتناسب مع قيمه أكثر.

أترك تعلي

Required fields are marked *.