الصحة النفسية لدى النساء – الجوانب النفسية الجسدية والإنجابية
العلاج النفسي مع النساء يشمل اليوم كل مراحل الحياة من الطفولة إلى الشيخوخة.
غالبًا ما يرتبط ذلك أيضًا بقضايا وسياقات الصحة الجسدية و الصحة النفسية لدى النساء.
مثلاً في سياق رغبة الإنجاب أو الأمومة أو التقدم في السن أو في سياق تغير وضع المرأة بسبب البحث عن علاج مرتبط بمرض آخر.
في هذا السياق، يجب الأخذ في عين الإعتبار أن أعراض الأمراض النفسية يمكن أن تظهر بطريقة وتواتر مرتبط بالدورة الشهرية وتتطور بشكل مختلف في
سياقات التغيرات الهرمونية الأخرى (الحمل، سن اليأس).
أظهرت الدراسات أن مع دخول المرحلة الإنجابية والتغيرات الجسدية والهرمونية في فترة المراهقة، تحدث أيضًا تغيرات نفسية.
تظهر الفتيات في سن 13 إلى 19 عامًا نسبةً أعلى بشكل ملحوظ في القلق والاكتئاب، وشعور أقل بالقيمة الذاتية من الفتيان في نفس الفئة العمرية.
إذ يكون تشكل ردود الفعل العاطفية لديهن أقوى ويظهرن أيضاً مستوى أعلى من الشكوك حول الذات وأيضاً التفكير العميق على المستوى الإدراكي في الوقت نفسه.
التغيرات الجسدية غالبًا ما تكون محيرة للفتيات. يمكن للفتيات، بالإضافة إلى ذلك، تطوير توقعات وتطلعات غير ملائمة بسبب مقارنة أنفسهن مع أقرانهن وأفراد العائلة وما تعرضه وسائل الإعلام.
غالبًا ما تعايش النساء تغيرات جسدية ونفسية خلال فترة الدورة الشهرية.
تقول معظم النساء (75-97%) إنهن يعانين من أعراض ما قبل الحيض الخفيفة أو المنفصلة في الأيام القليلة قبل وأحيانًا أثناء الأيام الأولى للحيض.
تعاني بين 3-8% منهن من أعراض مكثفة في إطار اضطراب المزاج ما قبل الحيض.
تشمل هذه الأعراض أمورًا مثل التقلبات المزاجية، واليأس، وفقدان الاهتمام، والاضطراب، والقلق، والتوتر، والعصبية، أو تقليل القيمة الذاتية.
تعيش بعض النساء تعبًا وشهية زائدة واحتباس الماء وألمًا في الثديين، على سبيل المثال، خلال هذه الفترة.
أظهرت الأبحاث أن النساء اللواتي يعانين من هذه الشكاوى يخضعن لنفس التغيرات الهرمونية وليس لديهن إجهاد أكثر أو أقل من النساء اللواتي لا يعانين من هذه الشكاوى.
من هنا تبلور الاعتقاد بأن النساء المتأثرات يتفاعلن في المقابل بحساسية أكبر على التغيرات الهرمونية من النساء غير المتأثرات.
تظهر هذه الحساسية في كثير من الأحيان لدى النساء نفسهن في فترة الحمل والولادة. إنها تمثل أحداث حياتية هامة في تطور المرأة وتترافق مع العديد من التغيرات الجسدية والتغيرات في حياتها اليومية، مثل نقص النوم على سبيل المثال. إذ تأخذ رعاية الطفل المركزية الأكبر.
تقريبًا 10-15% من الأمهات الشابات تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة، الذي يترافق مع الكآبة والمزاج الاكتئابي، والتفكير العميق، والشعور بالفشل والذنب،
واضطرابات النوم والإرهاق، مما يشكل خطرًا على الأم والطفل في حال لم تحصل على العلاج..
هنالك عملية تطور طبيعية أخرى للمرأة ألا وهي التغيرات الهرمونية عند نهاية المرحلة الإنجابية، المعروفة بفترة اليأس.
هذه المرحلة تبدأ بضع سنوات قبل الانقطاع الكامل حتى عام بعد آخر نزيف للدورة الشهرية.
الأعراض الشائعة تشمل هبوب الحرارة والتعرق، الذي يمكن أن يؤدي بدوره إلى تسارع الخفقان والدوخة.
تقول بعض النساء أيضًا عن جفاف المهبل، وتقلبات المزاج، واضطرابات النوم، وزيادة الوزن في بعض مناطق الجسم، وتغيرات في البشرة والشعر.
تختفي بعض الشكاوى مرة أخرى، بينما تكون الأخرى جزءًا من العملية الطبيعية للشيخوخة.
على ناحية الصحة النفسية لدى النساء ، يضاف إلى ذلك أن هذه المرحلة من الحياة مرهقة بالفعل للعديد من النساء، حيث يجب أداء المهام المهنية والأسرية،
ولكن غالبًا ما تكون هناك أيضًا التزامات تجاه الوالدين (جيل السندوتش). بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الدراسات أن تقييم وموقف النساء تجاه فترة اليأس يمكن أن يؤثر على الأعراض.
ختامًا:
يجب على النساء في مجتمعنا أداء العديد من الأدوار.
تحمل عوامل مثل التقدير الذاتي للإناث، وعلاقتهن بأجسادهن، والحياة الجنسية، والدورة الشهرية، وأيضاً مسار الحياة المتغير، في طياتها أسباباً للشعور بعدم الأمان والتحديات المحتملة ولكننها تخبئ في أيضاً نفس الوقت الكثير من الفرص والإمكانيات.
على ضوء ذلك ندعوا بشدة إلى دمج وربط العلاجات النفسية للنساء مع هذه الدورات الحياتية والتغييرات الجسدية، لتقديم أفضل دعم واعي ومتفهم ومقدّر للنساء، ليتمكن من تكوين صورة إيجابية عن ذواتهن ورعاية ذاتية مناسبة في سياق هذه التحديات..